إعتاد الناس في كل أنحاء العالم على الكذب والتكاذب في أول نيسان"إبريل"مزحاً ودعابة,وهي عادة قديمة جدا لم يُعرف بالتحديد تاريخ ولادتها,ولكنها تطورت مع الأيام فصارت من التقاليد المحببة التي تأتي,مرات صغيرة بيضاء ومرات تأتي سمجة قاسية.
يقول أحد كبار الفكاهيين الفرنسيين.."أن هذه العادة في طريقها للزوال وأن احفادنا قد يندهشون إذا حدثناهم عنها لانها ربما تكون اختفت تماما.ولكن الأجواء القائمة والمخيمة على العالم الوم,نتيجة التضخم وارتفاع الأسعار والبطالة وغلاء المعيشة وغيرها جعلت الناس يتخلون عن أجواء المرح ويتلهون بمشاكلهم ومتاعبهم الحياتية,خصوصاً أن كذبة إبريل تتطلب خيالاً واسعاً ومهارة وقد ذهب بعضهم إلى إعتبارها من أنواع الفنون القائة تضحك العالم كله على حساب بعض الأبرياء.
لأول إبريل في التاريخ جذور عميقة موغلة في القدم,لا يخلو الحديث عنها من بعض الطرافة والمتعة والفائدة.
أصل كذبة إبريل..ومن إبتدعها
-وقد تضاربت في أصلها الأقوال والروايات,ومنها ما يفيد أن ملكة من ملكات بابل القديمة أمرت بأن يكتب بعد موتها على قبرها الذي أعدته في حياتها إلى جانب باب المدينة هذه العبارة"يجد المحتاج في قبري هذا مالاً يسد به حاجته إذا فتحه في أول إبريل"ومرت فترة طويلة من الزمن ولم يقدم إي إنسان على فتح هذا القبر ,إلى ان ظهر داريوس الفارسي,فأمر بفتح القبر وإذا به يجد في داخله رفاً من نحاس , وقد كُتب عليه ما يلي:"أيها الداخل إلى هذا القبر,أنت رجل وقح طماع عطش إلى نهب المال,ولأجل إشباع نهمك أتيت لتقلق راحتي في نومي الأبدي,مغتنماً فرصة أول إبريل,ولكن خاب ظنط وطاش سهمك,فلن تنال من قبري,إلا نصيب الأحمق المعتوه".
-وهناك من يعيد كذبة إبريل إلى أصل هندي قديم جداً,وكانت تتم هذه الكذبة في خلال عيد يسمونه "هولي" ويحتفلون فيه بـ"بإلانقلاب الربيعي" ويمتد حتى آخر أيام مارس,فإذا جاء اليوم التالي وهو اول إبريل شيعوه بتبادل الهدايا التافهة والمقصود بها التهكم والسخرية.
-ولكن الرواية القريبة من الحقيقة تفيد بإن هذا التقليد ولد في إنجلترا في الفترة الواقعة بين القرنين العاشر والحادي عشر.وقصة ذلك أن السنة في بعض البلدان الاوروبية كانت تبدأ في 25 مارس حيث تنظم إحتفالات ضخمة تستمر لمدة إسبوع ,وتنتهي في أول إبريل ,وكانت هذه الإحتفالات تقابل بالسخربة من قبل الفئات الأخرى التي كانت لا تعترف ب25 مارس كأول يوم من ايام السنة ,وتعبر هذه الفئات عن إستخفافها بهذه الإحتفالات في إرسال علب هدايا فارغة للمحتفلين,او بإرسال التهاني الطريفة التي تحتوي على عبارات مرحة مليئة بالمداعبة.
-وفي العام 1582م وضع "غريغوري الثالث عشر" فكرة التقويم الذي يبدأ السنة في اول يناير وينهيها في آخر ديسمبر,ولكن بقى تقليد أول إبريل محتفظاً بشبابه وقوته وما كاد القرن الثامن عشر يسفر عن وجهه,حتى صار هذا التقليد شائعاً مألوفاً لدى كل الناس وبعد أن كان مقتصراً على النبلاء والأشراف,وغيرهم من كبار القوم.
لم يُعرف هذا التقليد في روسيا قبل العام 1719م ,زمن "بطرس الأكبر" قيصر روسيا.
فقد أمر القيصر بصنع قبة عالية من خشب السنديان والقش,وطلاها بالزفت والشمع,ولما أصبح اول إبريل أشعل النار فيها,فاندلعت ألسنتها إلى السماء,حتى توهم الناس ان المدينة تحترق,فتراكضت الجموع مذعورة في حين أن الجنود كانوا يصدونهم قائلين:"يا مجاذيب ,اليوم أول إبريل"
-اما في فرنسا فتسمى"سمكة إبريل"
فهناك من يزعم أن كذبة أبريل في فرنسا تعود إلى "لويس الثالث عشر"ملك الفرنسيين,وكان قد سجن أحد الامراء في مدينة نانسي,فأفلت الامير من سجنه وقطع سابحاً مثل سمكة وعند نجاته من شبكة صياده أرسل إلى الملك سمكة مع رسالة مؤرخة في أول إبريل,ويقول فيها أنه تملص من يده تملص السمكة من الصنارة.
-ولعل أبرز كذبة سمجة هي من ابتداع طالب من طلاب الطب في فرنسا, ففي أول إبريل من العام 1885م ,دعا طلاب كلية الطب رفاقهم إلى مأدبة كبري,وفي نهايتها أعلن أحد اصحاب الدعوة وقال:"رفاقي الاعزاء لقد قطعت اللحم الذي أكلتموه من الجثث التي كنتم تشرحونها.."!
وهناك كذبة تشبهها,قام بها امريكي حين أعلن في إحدى صحف نيويوك عن حاجته إلى بعض الدورلارات وعين عنوانه فتلقى آلاف الدولارات ثم أتهم بالإحتيال ولم تتم محاكمته باعتبر انه لم يعد بشيء.!
-والطريف في الامر ان كذبة أبريل لم يسلم منها حتى روساء الدول وكبار الشخصيات في العالم.
ففي أول إبريل من العام 1962م ,نشرت الصحف العالمية هذا الخبر"عزلوا خروتشوف من منصبه,وقد أفاق أهالي موسكو في ساعة مبكرة على رنين أأجراس الهاتف تحمل نبأ عزل خروتشوف ,وإحالته إلى المحكمة"
وكان المراسلون الأجانب من ضمن المستيقظين على النبأ نفسه,فأسرعوا على الفور إلى جائرة البرقيات ,ليبعثوا بالخبر إلى الوكلات التي يمثلونها.لم تذهب البرقيات إلى الوكالات وإنما إلى قصر اكرملين الذي إهتز للخبر وسارع إلى نفيه فوراً,قبل أت يصدق خروتشوف ويهرب من موسكو.
ولكن خروتشوف كان أبعد نظراً,فقد قال وهو يسمع الخبر:"إن الذي أطلق كذبة إبريل هذه السنة يشكو على ما يبدو من البطالة"
ولكن الذي أطلق كذبة إبريل العام 1962م ولم يكن مثلما قال خرتشوف,وانما كان يستشف حجب الغيب,وينظر إلى المستقبل,فبعد هذا الحادث بسنتين أقيل خروتشوف من منصبه.
وهكذا استمرت كذبة إبريل في الانتشار وانتقلت من بلد لأخرى ومن زمن لآخر
وعلى الرغم من أنها أصبحت ضئيلة التواجد في عصرنا هذا إلا أنها مازلت موجودة
ولكن تواجدها ايضاً ليس محمودا .. فهي رغم الفكاهة والدعابة تظل كذبة
الإبتساماتإخفاء